منتدى عطر الليلك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى اسري تنموي أدبي ثقافي شبابي منوع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولمركز رفع الملفات

 

 بروفة لسقوط بغداد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
وردة ربيع العمر
أعضاء بارزين
وردة ربيع العمر


انثى
عدد الرسائل : 355
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 05/06/2007

بروفة لسقوط بغداد Empty
مُساهمةموضوع: بروفة لسقوط بغداد   بروفة لسقوط بغداد I_icon_minitimeالجمعة يونيو 08, 2007 2:42 pm

بروفة لسقوط بغداد


ناهض الرمضاني

إهداء :

الى بغداد ..
إلى بغداد التي ينبغي لها أن تنهض أبدا
من أجل الجميع ..
ومن أجلي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وردة ربيع العمر
أعضاء بارزين
وردة ربيع العمر


انثى
عدد الرسائل : 355
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 05/06/2007

بروفة لسقوط بغداد Empty
مُساهمةموضوع: رد: بروفة لسقوط بغداد   بروفة لسقوط بغداد I_icon_minitimeالجمعة يونيو 08, 2007 2:43 pm

الفصل الأول :
المشهد الأول




ستائر المسرح مفتوحة إلا أن الإضاءة خافتة جدا لا تكشف عن معالم خشبة المسرح . أصوات أقدام تدخل الى وسط المسرح
عز الدين : خيانة . . خيانة . .
العلقمي : اخفض صوتك . اخفض صوتك . هل تريد هلاكنا ؟؟
عز الدين : خيانة .. لا احتمل الخيانة . كيف تجرؤ على التفكير بطريقة كهذه
العلقمي : هل تريد الإطاحة برؤسنا ؟؟ اخفض صوتك واصغ لما اقول . وستجد أن رأيي هو عين الصواب
: عز الدين : عين الصواب !! هه.. ما يقوله العلقمي عين الصواب . إذا كان ما تقوله أنت هو عين الصواب فكيف اذا تكون الخيانة؟
العلقمي : خيانة خيانة خيانة .. من يخون من ؟ ومن يحمي من ؟ ومن سيقاتل ضد من ؟؟ هل سالت نفسك هذه الاسئلة. ما زلت مصرا على حماسك الفارغ وعلى طيشك وحماقتك . ما أسهل أن يشهر الانسان سيفه ، وما اصعب أن يغمده في المكان المناسب
عز الدين : الظلام .. الظلام يلف كل شئ حولنا ..اين النور ؟؟ ياحراس.. ياحراس أضيؤا الانوار
يقترب جندي وهو يحمل مشعلا فيضئ مشاعل معلقة على الجدران .
ينار نصف المسرح الايسر لتظهر اثاث قاعة فاخرة . يخرج حامل المشعل بينما يقترب العلقمي من عز الدين . يمسك يده وهو يتحدث اليه بجدية ورجاء وبصوت مرتعش: علينا أن نجد مخرجا ما .. لا بد أن نتصرف بحكمة وإلا ضاع كل شئ. لولا ثقتي بحرصك على سلامة الدولة. وسلامة الناس لما جازفت بحياتي وأخبرتك بما أنوي فعله
عز الدين : لقد وضعتني في مأزق. لم أخبرتني بدناءتك التي تنوي ارتكابها ؟؟ سأمنعك من ذلك . سأمنعك مهما كان الثمن .
العلقمي خائفا : لا .. لا . لست أنت من يخون شخصا استوثقه . لقد جعلتك موضع سرٍي وأخترتك شريكا لي لانقاذ هذه السفينة الغارقة . علينا أن نضحي بما تعودنا عليه من قيم كي نستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه
عز الدين : لا أدري أيهما أصعب عندي أن أكون واشيا رخيصا وأخون من أستودعني سرّه . أو أن أكون خائنا لبلدي.
العلقمي: ها قد عدت ثانية للحديث عن الخيانة . خيانة من ؟؟ من الذي خان ؟؟ من الذي جلب على روؤسنا كل هذا الخراب ؟؟ من الذي دمر البلاد وهتك الاعراض . .؟؟ من هو المسؤول عن كل هذا الموت والخراب الذي لم يفارقنا منذ عقود ؟؟ من هو المسؤول ؟؟ ارأيت ؟؟ إنه لا يستحق هذا الاخلاص .انت تضع ولاءك الاعمى في غير موضعه
عز الدين : وأنت أتظن أنك قد وضعت ثقتك في محلها ؟؟ لا أدري كيف تفكر ؟ هل تريد مني أن أضع يدي في يد من جاء حاملا الموت لهذا البلد؟؟
هل أصافح الجلاد وأشد من ازره !! ربما طلب مني أن أكون سيفا من سيوفه . أهذا هو الحل الذي لديك ؟؟
العلقمي : إنك تنظر للأمور من زاوية أخرى. ليس هذا هو ما أريده على الاطلاق . كل ما علينا فعله هو محاولة إنقاذ هذه المدينة من الابادة. المدينة ستسقط . ستسقط كثمرة طال تعفنها على غصن يابس . وعلينا أن نحاول إنقاذها .. علينا أن ننقذ الناس . النساء الاطفال . الدور التي ستحرق . الجوامع التي ستتهدم . ألم تسمع بما حل بالمدن التي قاومت المغول؟؟ لقد أبيدت عن بكرة أبيها ولم يبق منها حجر على حجر . لا لا أريد لبغداد .مصيرا تعيسا كهذا . أليس انقاذ مدينتنا هدفا نبيلا علينا أن نضحي لتحقيقه ?
عز الدين : ما كان عليك أن تحدثني بكل هذا .. أنت تعرف جيدا أنني لا أحبك . وكنت دائما اتساءل عن سبب نفوري منك . الان عرفت السبب
العلقمي : ليس مهما أن تحبني أو أن أ حبك . لا وقت لمثل هذا الكلام الان . المهم أنك تحب بغداد . وعليك انقاذها . هذا واجبنا . لندع العواطف جانبا ولنحاول أن نؤدي واجبنا
عز الدين : بالخيانة ؟ !
العلقمي : يا عز الدين ياعز الدين متى ستفهم ما أريد قوله. دع عنك هذه الكلمة البغيضة وحاول ان تفتح عينيك جيدا لترى الواقع. سنعجز عن المقاومة . وستسقط بغداد وتحترق . ولن نستطيع منع هذا إلا إذا تصرفنا بطريقة حكيمة
عز الدين : طريقة حكيمة !! وكيف تدخل الحكمة رأسا مملوءة بالأفاعي ؟ كان على الخليفة عزلك بعد فتنة الروافض . إنك تريد ألانتقام
العلقمي يائسا: لا فائدة منك . بمن أستعين إذا ؟؟ كنت أظنك أحرص الناس على مدينتك . تأمل بعين قلبك ما سيحدث . ألا ترى الخراب الذي يوشك أن يحل ؟؟!! ألا تسمع صرخات النساء اللائي سيذبحن ؟ ألا تشم رائحة اللحوم اللتي ستحترق ؟ ألا تبصر روحك السنة اللهب اللتي ستتعالى؟ ألا يعمي دخان المدينة المحترقة عينيك ؟؟ ألا تبحث عن طريق للخلاص من هذه المأساة ؟؟
عز الدين وهو يشهر سيفه : لا أعرف إلا هذا طريقا للخلاص.
العلقمي بحزن : ما أسهل أن يشهر ألإنسان سيفه . وما أصعب أن يغمده في المكان المناسب
اصوات اقدام وهمهمات من جهة المسرح اليسرى. صوت من الخارج : مولانا الخليفة المستعصم بالله
يدخل المسرح شخص نحيل القامة مترف الملبس لحيته مشذبة بعناية فائقة يسير بخيلاء ووقار مفتعل . ويسير خلفه أحد الحراس . يقف العلقمي وعز الدين بلا حراك ثم يقولان بصوت واحد: السلام على مولانا المستعصم
المستعصم يرفع كلتا يديه با سطا كفيه يقف الحارس ثم يستدير وينصرف بهدوء
المستعصم: وعليكما السلام . لم أتمكن من إكمال رحلة الصيد . لقد إقتربوا .. إقتربوا أكثر مما ينبغي
العلقمي : لم يكن خروجك مناسبا يا مولاي . في هذا خطر جسيم على حياتك . إنك تبالغ في تحدي الموت. تذكر يا مولاي أن حياتك ليست ملكاً لك . إنها ملك للأمة كلها
عز الدين ينظر بطرف عينيه للعلقمي. يهم بالكلام مع المعتصم ،ثم يمسك مترددا
المستعصم : وهل تريد مني أن أبقى حبيس هذه الجدران ؟لا أحب لدي من الخروج إلى الفلاة ومطاردة الفرائس وإصطيادها . أنتم تعلمون مهارتي في إستخدام القوس
العلقمي وعز الين معا : طبعا .. طبعا يا مولاي
عز الدين : أجد من واجبي أن أذكرك يا مولاي بضرورة ألإستعداد لمواجهة المغول.. لقد إقتربوا كثيرا وهم يوشكون على تطويق بغداد من كل ناحية. وقد رأيت ذلك بنفسك يامولاي.
الخليفة : فعلا .. انهم تحت الاسوار . وامام الضفة الاخرى من دجلة . لهذا لم استطع الخروج للصيد .
عز الدين : لا أرى الوقت مناسبا للصيد . إن علينا أن نكرس كل وقتنا وجهدنا للدفاع عن المدينة
المستعصم غاضبا : أنا أحكم هذه البلاد كلها منذ أكثر من خمسة عشر عاما . وأنا ادرى بما يجب فعله في مثل هذه الظروف
عز الدين : عفوك يامولاي . لكن الوقت يمر . والطوق يزداد إحكاما لحظة بعد أخرى . علينا أن نفعل شيئا ما .. لم لا نخرج ونوزع الاسلحة على الناس ليدافعوا عن أنفسهم . لم لا نجندهم ونحثهم على القتال لم لا نرفع راية الرسول السوداء وندعوا الناس ليلتفوا حولها مجاهدين ومدافعين عن مدينتهم . لم لا ....
المستعصم وقد نفذ صبره : كفى .. كفى ايها الجندي . إنك تتجاوز حدودك
عز الدين لقد تجاوزوا هم حدودنا . وهم الان على مرمى حجر منا يامولاي . الجيش يرفض أن يقوده مرشد الخصي . ومجاهد الدويدار قد فشل في تحقيق اي نتيجة في مناورته الغامضة . كأنه إكتفى بابعاد الجيش عن المدينة فحسب .
العلقمي : لا تؤخذ مثل هذه الامور بالحماسة فقط ياعز الدين . لمولانا رأي صائب في مثل هذه المواقف
المستعصم : أخبره ياعلقمي . إنك تعرفني جيدا . أكثر بكثير من هذا الجندي المندفع
العلقمي : لقد إستأمنك الخليفة على قصره . عليك أن تؤدي واجبك فحسب . عليك بترصين دفاعات القصر واترك الباقي لنا ياعز الدين
عز الدين صارخا : مولاي .. مولاي .. يجب أن أخبرك أنّ
المستعصم بغضب : كفى .. كفى ياعز الدين . أخرج الان . لقد أرهقتني إنك تشوش أفكاري . اخرج أخرج وإهتم بما أنت مكلف به فحسب
عز الدين منخذلا .: مولاي .. مولاي .. أمرك يامولاي. . يغادر المسرح بخطوات سريعة
المستعصم : حماسة الشباب تملا عروقه . إنه يريد أن يقاتل . لا يعرف إلا السيف. مازال ساذجا . تنقصه حكمتك يا علقمي.
العلقمي : منك تعلمنا الحكمة يامولاي.
المستعصم : ولكنك تلميذ بارع للغاية. لقد سبقتني بخطوة هذه المرة .
العلقمي بحذر : لا أدري عم تتكلم يا مولاي .
المستعصم : بل تعرف مقصدي جيدا ياعلقمي. إنك تأخذ بعين ألإعتبار كل الاحتمالات. لا تريد. ولا تسمح أن يفاجئك اي شئ .
العلقمي : هذا من صميم واجبي كوزير يا مولاي. هذا هو عمل رجل الدولة
المستعصم : رجل الدولة .. رجل الدولة الذي يريد أن يبقى رجل دولة . في أي ظرف. ومهما كان الثمن
العلقمي : اي ثمن يامولاي ؟؟ في كلامك تلميح غريب ومقصدلم يستطع رأسي المسكين ان يستوعبه
المستعصم : رأسك .. اه من رأسك . كم أتمنى لو أستطيع فتح رأسك ومشاهدة ما تخبئه فيها . دعنا من ذلك الان.. اريد عرفه
العلقمي : عرفه !! ألان يامولاي؟؟
المستعصم : نعم . ولم لا .!. انني متكدر . أين عرفه .؟ يصفق بيديه فتدخل عرفه الى الخشبه وهي ترتدي ملابس مترفة . تسير بخطوات خائفة مترددة . تقف أمام الخليفة وتنحني برقة
المستعصم : أراك شاحبة اللون . ما بك ياعرفه؟
عرفة : انني أسمع أصواتهم . صراخهم الوحشي خلف أسوار القصر . المغول .. المغول يامولاي
المستعصم ينهض غاضبا : ويلك ياعرفه اتخافين وأنت في قصر المستعصم !! وتجرؤين على قول ذلك أمامي
عرفه : عفو مولاي .. أتأمرني بشئ ؟
المستعصم بحزم : أرقصي .
عرفه بدهشة : أرقص !! ألان .. ألان يامولاي ؟!
المستعصم غاضبا: نعم ألان . ألان وفي كل وقت أريد . أرقصي . أرقصي ياعرفه .
ترفع عرفه ذراعيها بارتباك وتردد. تبدأ موسيقى الف ليلة وليلة لبليغ حمدي وتبدأ معها عرفه بالرقص بتشنج وتعثر في البداية ثم بسلاسة ورشاقة . الخليفة يدخن من أركيلة ضخمة ذات ?نق ذهبي مرتفع وهو يتمايل طربا ونشوة .. والعلقمي يتأمل الموقف بحذر يستمر الرقص فترة وفجأة يتحطم زجاج أحد النوافذ . عرفة تصرخ وتسقط أرضا . يقفز الخليفة ليقف ملاصقا لاحد الجدران . العلقمي يحتضن عرفه ثم يلتفت إلى الخليفة قائلا برعب
: سهم مغولي يامولاي . لقد إقتربو أكثر مما كنا نتخيل يا مولاي . ها هي سهامهم تصيب من بداخل القصر وها هي ذي عرفة قد فارقت الحياة
الخليفة صارخا : يا عز الدين .. ماذا تفعل في الخارج إذا يا عز الدين.؟ غطوا الابواب والنوافذ بستائر خشبية تحركوا .. إفعلوا أي شيئ
أصوات أرجل تتراكض في كل مكان . الواح خارجية تسد النوافذ فتقل الاضاءة على الخشبة
يتحرك الخليفة من مكانه ويجثم قرب عرفة . يرفع ذراعها ويسقطها قائلا بحزن : عرفه .. عرفه ..
لقد قتلوك ياعرفه. من سيسري عني بعدك ياعرفه
العلقمي : لديك مئات الجواري يامولاي .
الخليفة بحدة : ليسو كعرفه .. لقد فارق الحياة الان انعم جسد لامسته اصابعي .. ماتت عرفه ... لم يكن هناك من يفهم رغباتي تماما مثلها . وهاهي ذي قد قتلت . وأمام ناظري وبسهم مغولي .. وعز الدين على اسوار القصر لا يفعل شيئا الا الثرثرة. عز الدين ويلك مني يا عز الدين
العلقمي : ربما كان عز الدين عاجزا عن فعل أي شيئ يامولاي . ليس من السهل الوقوف بوجه المغول
المستعصم : وكنت تعرف ذلك منذ البداية . لهذا اخترت أن تراسلهم
العلقمي : أنا !! أنا يامولاي ؟؟
المستعصم : أتحسب أنني غافل عن تحركاتك . انني المستعصم إبن المستنصر . أتظن أن حشرة تتحرك في هذا القصر ولا يصلني دبيبها . لقد درست الاحتمالات كلها . وإخترت أن تكون مع الطرفين ؛ لتفوز مع أي منهما . أمسكت العصا من منتصفها. ولم تلصق ظهرك بالحائط
العلقمي : يا مولاي .. أقسم أنني لم ..
المستعصم : لا تقسم على شئ .. أنا أعرف خطواتك منذ الحركة الاولى
العلقمي : لقد حاولت أن أجس نبض هولاكو يامولاي .؟. لعلني أصل إلى غاياته ومراميه
المستعصم : وهل كانت غاياته خافية عليك ؟
العلقمي : لا .. لا يا مولاي .. ولكنني أردت إقامة نوع من الحوار بيننا .. أنت تعلم أن هناك أمور لا بد أن تؤخذ بالحنكة والدراية
المستعصم : بالتأكيد.. الحنكة والدراية .. كيف فاتني ذلك .. ولكن أخبرني هل من الحنكة والدراية أن يتصل وزير الدولة الاول داعيا قائد العدو لأجتياح عاصمة الخلافة
العلقمي : معاذ الله .. معاذ الله يا مولاي
المستعصم : لا داعي للكذب أيها الشيخ الاحمق . إنك تراسلهم وتدعوهم لحصار المدينة واقتحامها
العلقمي : جيوشهم تبحث عن أراض جديدة . وحلم تطويق بغداد وإخضاعها لا يفارقهم منذ ثلاثين سنة . كان لابد أن أحاول معرفة أهدافهم يامولاي .
المستعصم : ولم كتمت الامر عني ؟
العلقمي : كنت أريد أن أصل ألى نتيجة ما قبل أن اشغلك بمراسلات تافهة وغير مجدية . إنهم لايعرفون بالضبط ماذا يريدون منا . قد نستطيع شق معسكرهم إلى فئتين ونجعلهما يتصارعان فيكفونا شر قتالهم
المستعصم : فكرة صائبة لو كنت مخلصا في ولائك .
العلقمي : أتشك في ولائي يا أمير المؤمنين ؟؟!!
المستعصم : اشك !! لا.. لا اشك في ولائك أبدا . ولاؤك دائما لمن يجلس على هذا العرش . مهما كان شخصه
العلقمي : لاتظلم خادمك المخلص يامولاي . إنما فعلت ما فعلته حرصا مني على سلامة البلاد وسلامتك يامولاي
المستعصم : سلامتي .؟؟. سلامتي هي سلامة البلاد . وسلامة البلاد هي سلامتي .
العلقمي : طبعا . طبعا يامولاي . بم تأمرني الان .
المستعصم : أكمل ما بدأته . اعرض عليهم نصف خراج الدولة سنويا . على أن يعودوا من حيث جاءوا
العلقمي : نصف خراج الدولة !! هذا كثير . كثير جدا يامولاي
المستعصم : لايهم . سلامتنا وسلامة الدولة فوق كل إعتبار
العلقمي : نصف خراج الدولة ؟؟
المستعصم : نصف الخراج . أخرج إليهم ياعلقمي وسارسل الى الدويدار ليعود بالجند الى بغداد. أبلغ هولاكو بذلك لكي لايظن بنا الغدر. فليس الغدر ونقض العهود من شيمنا.
العلقمي : سمعا وطاعة يامولاي


ستار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وردة ربيع العمر
أعضاء بارزين
وردة ربيع العمر


انثى
عدد الرسائل : 355
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 05/06/2007

بروفة لسقوط بغداد Empty
مُساهمةموضوع: رد: بروفة لسقوط بغداد   بروفة لسقوط بغداد I_icon_minitimeالجمعة يونيو 08, 2007 2:44 pm

الفصل الاول :
المشهد ألثاني


يدخل الجندي الى المسرح وهو يصفق قائلا : برافو .. برافو .. ممتاز أنا لاأصدق روعة ألاداء . كأننا أمضينا ثلاثة شهور ونحن نستعد لهذه البروفة
الممثلون يبدأون بالتجرد من الملابس والاكسسوارات. المستعصم ينزع رداءه المطرز فتبدو تحته شابة حسناء ترتدي بنطلونا من الجينز وقميصا قطنيا خفيفا . تمسد شعرها الطويل بيديها
المستعصم : استاذي .. هل أعجبك أدائي.. أنا
المؤلف وهويشعل سيكارة : رائعة .. أعني كان أداؤك رائعا ، يتلفت حوله فيرى عيون الفتيات ترصد حركاته بدقة . فيتكلم بطريقة تعليمية جافة قائلا : كان أداؤك رائعا ولكن . . حينما تسيرين على الخشبة تمايلي أكثر . لاتحاولي أن تمشي بخشونة . تمايلي قدر إستطاعتك
المستعصم : أكان الخليفة يتراقص في مشيته ؟
المؤلف : لاأشك في ذلك . فلو كانت خطواته اكثر ثباتا لما سقطت بغداد
العلقمي : إنك تحمل الامور فوق طاقتها كما تفعل دائما يا أستاذ . بعض المشاهد يبدو غير معقول إطلاقا . وقد أردت منا قشتك فيها .
المؤلف : الوقت .. الوقت ضيق جدا . لقد منحونا أسبوعا واحدا لفعل كل شيئ
عز الدين: لقد كان أمامنا عام كامل . لماذا لم يخبرنا أحد قبل فترة مناسبة؟
المؤلف : هذه الامور تحدث دائما عندنا . لم أكن أصدق انهم سيوافقون على تقديم هذاالنص على خشبة المسرح
العلقمي : لكنه ليس مسرحا . إنه عرض جامعي وسيحضره عدد بسيط من المشاهدين . ما كنت أظن أن الامر بحاجة إلى موافقات
المؤلف وهويهز رأسه متصنعا الحكمة : موافقات . كل شيئ هنا بحاجة إلى موافقات.
تدخل المسرح فتاة ترتدي بنطلونا اسود اللون تحمل بيديها بضعة اكياس ورقية بينما يقوم المستعصم وعزالدين باحضارمنضدتين وبضعة كراسي . يضعانها متباعدتين قليلا . تبدأ الفتاة بفتح الاكياس وتوزيع الطعام على الجميع . يجلس العلقمي وعرفه مع المؤلف بينما يبقى المستعصم مع الفتاة الجديدة
المؤلف مخاطبا الفتاة : طعام لذيذ . لك مني خالص الشكر ياهولاكو
الفتاة بضيق : أنا أكره هذا ألاسم يا أستاذ
المؤلف : ما زلت متضايقة إذا .. إنه مجرد دور في مسرحية .
هولاكو : لم لا يتاح لنا إختيار ألادوار التي نلعبها
العلقمي : بل قولي لم لايتاح لنا إختيار المسرحيات التي نحبها ؟؟ لم يفرض علينا كل شيئ
المؤلف بضيق : وما عيب هذه المسرحية؟؟ .
عز الدين : لاأدري يا أستاذ ! هناك أكثر من سبب يجعلنا نتمنى أن نمثل مسرحية أخرى
هولاكو : من فرض هذه المسرحية علينا ؟
المؤلف : الوقت . الوقت والظروف . كان هذا هو النص الوحيد الجاهز لدي ، والذي يمكن تمثيله بهذه الامكانيات .. منظر واحد وبضعة ممثلين واثاث مستعار . ونفس الملابس طوال العرض . بإستثناءك أنت ياعرفه .
عز الين : أنا عز الدين ولست عرفه يضحك الجميع
العلقمي : هل أنت مؤلف هذا النص ؟
المؤلف : طبعا .
العلقمي : أعرف أعرف . ولكنني أردت أن أقول . كم هي حصة الخيال في هذا العمل ؛ إن فيه الكثير من اللامعقوليه . هذا ما اردت أن أناقشك فيه منذ البدايه
المؤلف : لا معقولية ؟؟ في مسرحيتي أنا !! لابد أنك لم تتعمقي في قراءتها . هذا لايهم ما دمت تؤدين دورك بإحساس عال
العلقمي : لا بل هو مهم جدا . هناك مبالغات تجعل العمل فجا . لم أقحمت مشهد عرفه
المؤلف : هل أنت غاضبة لانها سترقص قليلا على المسرح .
العلقمي : لا بالطبع ولكن . من غير المعقول أن يستمتع الخليفة بالرقص وقصره يرشق بسهام العدو
المؤلف : هل ترون المشهد غير مقنع ؟
الجميع : نعم غير مقنع
عز الدين : إنه مشهد غير واقعي بالمرة
المؤلف : ومع هذا فأن لي اسبابي التي تمنعني من حذفه
المستعصم : لابد من رقصة في كل فلم . وكذلك في المسرحيات . المسألة واضحة . ولولا أنني الخليفة لسرني أن أرقص قليلا على المسرح .
المؤلف : لا ليس هذا هو السبب .
عز الدين : الدراما . قمة التراجيديا أن تموت الجارية وهي ترقص لتسلية الملك . موليير لم يكن ليتخلى عن مشهد كهذا
المؤلف : موليير ؟؟ وما علاقته بامر كهذا .
عز الدين : ألم يكن عملاق المسرح الفرنسي ؟ أنت أخبرتنا بذلك
المؤلف : موليير كان يكتب الكوميديا . إنكن تجهلن أبسط المعلومات . الثقافة تتراجع دائما . وبسرعة
العلقمي : ولمن الفضل في ذلك يا .. أستاذنا
المؤلف وقد باغته السؤال : الظروف .. كثير من الظروف المتشابكة
المستعصم : لماذا إذن تصر على مشهد عرفه . أهو سرّ لاتريد لابوح به
المؤلف : لقد أثرت فضولكن .. ببساطة شديدة سأتمسك بالمشهد لانه حدث فعلا وذكرته كل المصادر بالتفصيل
عز الدين: غير معقول !! القصر محاصر والجارية ترقص
المؤلف : هكذا تقول المصادر .
عز الدين : واسم الجارية عرفة ؟؟

المؤلف : نعم المصادر ذكرت حتى اسم الجارية .
هولاكو : اذا لقد قمت بنقل القصة من كتب التاريخ .ثم حورتها قليلا لتناسب المسرح.
المؤلف بضيق : حورتها قليلا ؟! كلام غير دقيق بالمرةلقد الفت مسرحية تاريخية . ما نمثله هنامسرحية من تأليفي أنا تستمد أحداثها من التاريخ . ما نقدمه هنا فن .. فن وليس تاريخا .
هولاكو : لقد قلت للتو أنك قد نقلت الحادثة من المصادر.
المؤلف: هناك حصة مما حدث .. وحصة للخيال . ولا يستطيع مزج الواقع بالخيال الا فنان بارع . اعتمدت على بعض الوقائع وتركت الباقي لمخيلتي
العلقمي : لقد تخيلت الشيشة .. أليس هذا صحيحا . لم يكن التدخين قد ظهر في تلك الايام .
المؤلف : بالضبط .. أخترت الاركيلة الذهبية لانها تتناسب مع ملك مترف ولاذكر الجمهور ايضا بانهم يشاهدون مسرحية
هولاكو والمستعصم يذهبان الى طرف المسرح . يخرج المستعصم ترمسا ويبدأ بسكب قدح من الشاي
هولاكو : لمن هذا القدح؟؟
المستعصم : للاستاذ طبعا .. سيشربه مع السيكارة
هولاكو : أنت مهتمة به .. أليس هذا صحيحا ؟؟
المستعصم : مهتمة به ؟! كلا.. إنه ليس النوع الذي افضله. فارس أحلامي ليس على مشارف الخمسين . ولا يكتفي بترديد الكلمات .. وشخصيته يجب ان تكون اقوى بكثير من استاذنا المسكين
هولاكو: انت اذن سعيدة لانه جعل منك الملك ؟؟
المستعصم : كان لابد ان اكون انا الملك . انا فقط من تستحق هذا الدور. انه معجب بي ويعجبني اعجابه بي هذه هي المسالة ببساطة . هل اشبعت فضولك ؟؟
هولاكو بضيق : لكنه دوربائس.. ستموتين في الفصل القادم
المستعصم : انا الملك . ما اروع ان يصبح الانسان ملكا ولو لفصل واحد
يتقدم المستعصم باتجاه المؤلف الذي ياخذ قدح الشاي بامتنان ويشعل سيكارة على الفور
البعلقمي : انك تدخن كثيرا يااستاذ !
المؤلف بحرج : هل تضايقكم رائحة التبغ
العلقمي : لا لا ولكنك تؤذي نفسك
المؤلف : انها عادة سيئة . ساقلع عنها يوما ما
عزالدين : لا أدري .. لاأفهم تماما كيف سيميز الجمهور بين الوقائع والخيال .
المؤلف : هذا غير مهم على الاطلاق . المهم فكرة العمل
هولاكو وهويقترب من المنضدة : وماهي هذه الفكرة ؟؟ من هو بطل هذه المسرحية ؟؟
العلقمي :عز الدين طبعا .
المستعصم : ولكنه سيقتل !
هولاكو : وانت ايضا ستقتل .
المستعصم : انا الملك على اية حال
المؤلف : ليس هناك بطل بالمعنى المالوف
عز الدين والعلقمي معا: ولماذا ؟؟
المؤلف : لان هذا هو ما حدث فعلا . لم يكن هناك بطل واحد وقتها .
هولاكو : اين الجيش اذا ؟ ولماذا لم تحور شخصية عز الدين وتجعلها اكثر ايجابية ؟
المؤلف : شخصية عز الدين بالذات من إختراعي جملة وتفصيلا لم تذكر المصادر كلمة واحدة عن شخصية بهذا الاسم ولا بهذه المواصفات .
العلقمي: والدويدار ؟ ومرشد ؟ أليسا قادة حقيقين ؟!لماذا أهملتهما ؟
ألمؤلف: لانهمالم يفعلاشيئا على الاطلاق . لادور لهما في هذه المسرحية
هولاكو : مسرحية غريبة وتاريخ اغرب
المؤلف : لابد أن يكون هناك شيئ غريب . شيئ جديد في كل عمل فني .
العلقمي : لاأرى أين هو الجديد ! الجمهور يعرف نهاية المسرحية قبل مشاهدتها .
المؤلف : ومع هذا اوجدت لنفسي فسحة أتحرك فيها .
هولاكو : ولكن المسرحية لاتجيب على السؤال !
المؤلف : أي سؤال
هولاكو : لماذاسقطت بغداد .
المؤلف : المسرحية كلها عبارة عن جوا ب واضح جدا .
العلقمي : أنت فقط من يظن ذلك .
المؤلف : لو كنتم تقرأون .. لو كنتم تقرأون .. إقرأوا .. إطِِلعو أكثر .
المستعصم تسير باتجاه العرش . تتأمله قليلا وتجلس عليه باسترخاء مغمضة عينيها . بينما تقوم بقية الفتيات بجمع الاكياس الورقية
هولاكو : هل انت متعب يا أستاذ ؟
المؤلف : أنا مستثار جدا .. اشعر بسعادة وخوف معا .. غدا . غدا ستمثل اول مسرحية لي . وهي من اخراجي ايضا
هولاكو : وستقوم ايضا بتمثيل دورين فيها .
المؤلف : إنها مشاهد بسيطة جدا . وانا مضطر للقيام بها . بصراحة أنا لا أطمح أن أصبح نجما .
هولاكو : هل هذا صحيح ؟
المؤلف بحرج : طبعا طبعا انا احاول ان اصبح مؤلفا مسرحيا . هذا يكفيني
هولاكو : وقد اخترت لنفسك بداية صاخبة
المؤلف: إنها محاولة .. إنها بداية فحسب
هولاكو : وأسندت لها دور الملك . وجعلت مني هولاكو
المؤلف : إنها ادوار .. مجرد أدوار .لا أكثر ولا أقل
يدخل عز الدين والعلقمي ويجلسان على المنضدة الاخرى
العلقمي : انظري اليها . انها لاتريد مفارقة العرش حتى اثناء الاستراحة . لماذا اختارها هي بالذات لهذا الدور ؟
عز الدين : لاداعي للتلميحات . سينتهي دورها في الفصل الثاني . ودوري أيضا . وحدك أنت من سيبقى على الخشبة فصول المسرحية الثلاثة .
العلقمي : لامثل شخصية يكرهها الجميع .
عز الدين : ذلك افضل من أن تموتي أمام الناس . أشعر بضيق شديد كلما تذكرت أن علي أن أموت مرتين على الخشبة . ( ثم تلتفت مخاطبة المؤلف ) لماذا لم تشرك معنا ممثلين آخرين لماذا لم تستعن ببضعة شباب من معهد أخر ؟
المؤلف ضاحكا : بضعة شباب . مستحيل . لقد استطعت بالكاد تدبير الموافقة على إشراككن بهذا العمل .
العلقمي : هل قلت مستحيل ! المستحيل كلمة كبيرة . وما نتحدث عنه امر بسيط .. ليس مستحيلا على الإطلاق .
المؤلف : ممنوع .. ذلك امر ممنوع . وكفى .
عز الدين : ما هو ممنوع . ممنوع فحسب . أي انه ليس مستحيلا .
المؤلف : أقصى حدود الإمكان هو ما مسموح به فقط . والممنوع ممنوع . شئ لا يمكن تحقيقه . أي أنه ببساطة وواقعية .. مستحيل .
العلقمي : منطق غريب . سيما من مثقف مثلك .
المؤلف : أمامكن العمر كله لتتعرفوا على حقيقة ما يحدث . وكيف يحدث. ليست حياتنا بالسهولة التي تتصورونها .
هولاكو : هل تحتاج إلى كل هذه التنظيرات والتفلسف لتخبرنا أنك لن تستطيع إشراك ممثل واحد معنا ؟
المؤلف يصفق بيديه ويتحدث بضيق : هيا .. هيا . الوقت يسرقنا . إحملن المناضد الى الخارج ولنكمل المسرحية . لنبدأ بالفصل الثاني .. هل أنتن جاهزات ؟
الفتيات : نعم .. هيا لنبدأ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وردة ربيع العمر
أعضاء بارزين
وردة ربيع العمر


انثى
عدد الرسائل : 355
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 05/06/2007

بروفة لسقوط بغداد Empty
مُساهمةموضوع: رد: بروفة لسقوط بغداد   بروفة لسقوط بغداد I_icon_minitimeالجمعة يونيو 08, 2007 2:45 pm

--------------------------------------------------------------------------------


الفصل الثاني .
المشهد الاول



يفتح الستار عن نفس القاعة عز الدين يسير جيئة وذهابا وهو في غاية التوتر . بينما يجلس العلقمي على مقعد مجاور للعرش
العلقمي : إهدأ يا عز الدين . إهدأ ودع الأمور تسير بشكلها الطبيعي .
عز الدين . شكلها الطبيعي ؟! آه .. فعلا . من الطبيعي جدا أن يدخل هولاكو قصر الخليفة راكبا فرسه ليملي شروطه علينا . أمر طبيعي للغاية . خليفة المسلمين يتلقى الأوامر من همجي وثني .
العلقمي : إهدأ وخذ الأمور بحكمة .. كن واقعيا ولو لمرة واحدة في حياتك .
عز الدين : واقعيا مثلك ؟ أسلم البلد إلى هذا الهمجي .
العلق جرى لكم ألاترون ذلك !!
صوت من الخارج (مولانا الخليفة المستعصم بالله )
ينهض العلقمي وعز الدين . يدخل الخليفة وهو يسير بتمهل . يجلس على العرش ويضع رأسه بين راحتيه .. ثم ينظر صوب العلقمي وعز الدين
الخليفة : بعد قليل سيصل هولاكو إلى هذه القاعة .. إجلسا .
العلقمي وعز الدين يجلسان في مقاعدهما
العلقمي : لقد تم الاتفاق على كل التفاصيل يا مولاي . سيأتي هولاكو بنفسه ليقدم لكم فروض الطاعة والولاء . وفي ذات الوقت سيقوم جنده بإحصاء قواتنا وتجريدهم من بعض أسلحتهم التي قد تشكل خطرا على المغول . أنت ترى أنهم ما زالوا يرهبون جانبنا يا مولاي .
المستعصم : طبعا .. ومن لايرهب الجيش الذي فتح العالم وحطم القلاع والحصون وإخترق الصحارى الشاسعة .. من لايهاب جيشي . جيش خليفة المسلمين
عز الدين : جيش المسلمين لم يدافع عن أسوار عاصمة الخلافة .
العلقمي : ماذا ؟؟ ماذا تقول ياعز الدين ؟؟ لولا جيشنا لما توصلنا إلى هذا الصلح المشرِف . لقد دفعنا العدو عنا دون حرب . وهذا بحد ذاته نصر كبير .
المستعصم : إنه لايفهم في مثل هذه الأمور . إنه لايملك رجاحة عقلك ياعلقمي . لازال غرا .
صوت من الخارج (هولاكو خان بولي )
ينتصب الجميع واقفين . ينتبه المستعصم لوضعه . يجلس ثانية على العرش . يدخل هولاكو وهو يرتدي بنطلونا وصديريا وفي يديه أساور جلدية وهو يتأبط خوذته . وفي حزامه سيف قصير عريض النصل . هولاكو يسير بخطوات قصيرة سريعة . وخلفه تابع يرتدي زيا مشابها .
هولاكو : أخيرا ... ها أنذا أقف أمام الملك العظيم .. كم حلم أبي وجدي بهذه اللحظة .
المستعصم : أهلا ..أهلا بضيفنا الكريم .
هولاكو وهو يتلفت حوله ناظرا الى السقوف والجدران : قصر فاخر جدا .. أسوار بديعة ومتينة . جدران رائعة سقوف مدهشة ... كم أنفقتم لبناء هذه الأشياء ؟
المستعصم : ليس الكثير . إنه مبلغ تافه قياسا لما نملك من خيرات .
هولاكو : ما لديكم من خيرات .. نعم لديكم الكثير من الخيرات .. الكثير جدا . اكثرمما تستطيعون إنفاقه . ولهذا عرضتم علينا نصف خراج الدولة . أليس كذلك ياعلقمي ؟
العلقمي : نصف خراج الدولة .. نصف خراج دولة بني العباس .
هولاكو بهدوء شديد : لاأدري بالضبط كم سيكون هذا النصف . لكنه سيكون مبلغا هائلا بالتأكيد .
يقترب هولاكو كثيرا من المستعصم . ينظر إلى سيف المستعصم قائلا :أهذا الغمد مصنوع من الذهب الخالص ؟؟ . يبدو سيفا ثمينا جدا . يمد يده الى السيف المعلق في كتف الخليفة .
المستعصم يشعر بضيق شديد لجرأة هولاكو وسوقيته . يخلع السيف بحمالته من كتفه . ويقدمه الى هولاكو قائلا : هو لك ايها القائد . إنه سيف ثمين جدا بالفعل . إنه هدية المستعصم لقائد المغول الشجاع
هولاكو ياخذ السيف يسله من الغمد ويلوح به في الهواء وهو ينظر الى نصله
هولاكو : سيف بديع . ولكنه ثقيل الوزن . ان من يرصع سيفه بكل هذه الاحجار الكريمة ، فهو إما أحمق . او أنه لايريد أن يشهر هذا السيف للقتال . من كان يملك سيفا كهذا . فعليه أن يسهر طويلا لحراسته . وعليه أن يحمي السيف . بدل أن يستخدم السيف لحمايته .
هولاكو يلتفت لمرافقه . ويلقي أليه السيف والغمد.
الصمت يخيم على الجميع . هولاكو يدير بصره في أرجاء المكان . ينظر الى كل ما حوله من أثاث . يقترب ثانية من المستعصم ... يمد يده إلى عمامته المزينة بالأحجار الكريمة .
هولاكو : هل هذه أحجار كريمة فعلا
المستعصم متضايقا : طبعا طبعا ..
هولاكو : يا لغبائي . ظننت أنها مجرد خرزات ملونة . هل يعقل وجود ماسات بهذا الحجم ؟؟
العلقمي : لاتنس أنك أمام المستعصم . خليفة بني العباس . في خزائن مولانا الكثير من العجائب والتحف النادرة .
هولاكو يحاول نزع العمامة . بهدوء عن رأس الخليفة . يصرخ عز الدين صرخة الحرب .. يسل سيفه ويهجم محاولا قتل هولاكو . هولاكو يتجنب سيف عز الدين ببراعة
عز الدين يفاجأ بطعنة في من مرافق هولاكو تصيبه ببطنه .. وهولاكو يطعن عز الدين في ظهره .. يسقط عز الين مضرجا بدمه دون حراك . .
هولاكو : صبي ساذج .
المستعصم : أنا لم أمره بهذا . لقد تصرف بحماقة .
العلقمي يقف عند رأس عز الدين ويتحدث بحكمة مصطنعة : ليس هذا هو الزمان ولا المكان المناسبين للقتال . لقد دفع ثمن تهوره .
هولاكو ينزع العمامة عن رأس المستعصم الذي ينهض غاضبا
يلقي هولاكو العمامة الى مرافقه
المستعصم : ليس هذا تصرفا لائقا في حضرة الملك .
هولاكو : أنا وحدي من يقرر ما هو التصرف اللائق .
المستعصم : لم نتفق على ذلك .
هولاكو : اننا لم نتفق على شيء .
المستعصم : ماذا تقصد ؟؟
هولاكو يسحب المستعصم من يده مبعدا إياه عن كرسي العرش .
هولاكو : كرسي من الذهب الخالص . قد يكون مفيدا فيما لو أنفقنا ثمنه على تجهيز الجيش .
المستعصم : ماذا تقول ؟؟!! . إنه .. إنه عرش الخلافة
هولاكو يدفع العرش بقدمه باتجاه مرافقه . المرافق يحمل العرش الى خارج المسرح
هولاكو : أذن .. لم يعد هناك عرش للخلافة .
المستعصم : ظننت أننا إتفقنا على أن تأخذ نصف خراج الدولة . وتترك كل شئ على حاله وتمضي
هولاكو وهو يقهقه ضاحكا : النصف ؟؟ ولماذا النصف إذا كنت قادرا على اخذ الكل .ولم أترك كل شيء وأمضي إذا كان بإمكاني البقاء .
المستعصم : ليس هذا هو العهد الذي بيننا .!!
هولاكو : ليس بين المنتصر والمهزوم عهود .
المستعصم : جيشي في الخارج سيجهز عليك . أتظن أنك ستنجو بفعلتك ؟
هولاكو ضاحكا : جيشك ..؟؟ إنك تضحكني فعلا .. لقد أحصينا جيشك .. أحصينا رؤوس جنودك على وجه الدقة . لقد انتظموا في صفوف طويلة وسيف كل منهم في شماله يسلم السيف الى جنودنا ويدخل من باب صغير لنفصل رأسه عن جسده . لدينا هرم كبير من رؤوس جنودك الابطال .
المستعصم : خيانة . .. إنك همجي سافل . لقد إتفقنا على إحصاء جنودي وليس قتلهم . أهذا هو إتفاقك ياعلقمي ؟!
العلقمي بصوت هادئ عميق وحكمة مصطنعة : هذه هي سنة المنتصرين يامولاي . نقض المواثيق وأخذ الغنيمة بأكملها
المستعصم صارخا برعب وألم : أفاوضتهم على هذا أيها الشيخ ألاحمق ؟؟
هولاكو : كلا ..لاتظلمه يا.. .إنه لم يفاوضني على شيء . لكنه حذرني من غدركم . وأعلمني بعدم أستعداد جيشكم ولا رغبته في قتالي
العلقمي بشماتة: لاتحزن كثيرا يا مولاي . فلكل شيء نهاية .. هذا هو ناموس الكون .
المستعصم : وأنت ..أنت صنيعتي .. خططت ودبرت لتكون النهاية على يديك . ماذا كنت تريد ؟لقد جعلت منك وزيري!!
العلقمي : أصبحت وزيرا بفضل جهودي وذكائي وسعيي أيها الملك السعيد . وأنا أستحق أكثر مما حصلت عليه بكثير .
المستعصم : ياعلقمي .. ياعلقمي . فعلك مرّ كاسمك . الا ترى النهاية التي صنعتها ؟؟ أين بيعتك لى ؟
العلقمي : وأين بيعة أجدادك لمحمد بن الحسن المثنى ؟ اجدادك هم من نقضوا العهد وسلبوا العرش . وأنت ورثت تركتهم المسلوبة . وعلي أن أصحح الوضع ما دامت الفرصة مواتية .
المستعصم : أية فرصة .؟ الا ترى النهاية السوداء بعينيك أيها الخرف ؟!
العلقمي : أنت من صنع هذه النهاية .. لقد تركت فرسان جيشك بلا رواتب . يدورون في اسواق بغداد وحواريها يستعطون الناس أو يسرقونهم . كيف تدافع عن دولتك بجيش من الشحاذين .
المستعصم : رواتب الجند !! ألست أنت من كان يقول دائما أن على الجندي أن يقاتل أولا . ثم يسأل عن رواتبه فيما بعد . وأن حياته ملك للدولة ؟
العلقمي : منطق غير سليم .. يبدوا أنني كنت مخطئا أيها الخليفة . وها هو الدليل .لقد إستسلم جنودك الشحاذون لجيش هولاكو بكل بساطه . لم يعد لديهم ما يقاتلون من أجله . والناس ينتظرون ما سيحدث لهم بعد هذا الاجتماع .
كان علينا أن نجند جميع الرجال كما قال عز الدين
العلقمي : لم يكن أحد ليستجيب لدعوتك . لقد رأوا باعينهم ما حل ببغداد في العام الماضي .
لقد أرهقتهم الحرب الداخلية التي نشبت بين أهل السنة والروافض . فاصبحوا كارهين للقتال .إنطفأت حماستهم حتى للدفاع عن أنفسهم . لم يكن أمامنا الكثير من الخيارات أيها الملك
المستعصم : كان لابد أن نفعل شيئاما.. شيئأ لايؤدي بنا الى هذا الهوان .
العلقمي : أنت.. أنت من أدى بنا الى هذا الهوان .. تركت ايبك الدويدار يناور بالجيش مناورة غامضة عبثية على تخوم بغداد .. ووليت مرشد الخصي على جيش يرفض تنفيذ أوامره . أخطأت التقدير والتدبير . ووقعت في مصيدة نصبتها لنفسك .
المستعصم : كان عليك أن تنبهني لكل كبيرة وصغيرة . أليس هذا واجبك ؟؟ لكنك إخترت الخيانة ..والان ..الان أنت تشمت بي أيها الرافضي الحقير .
العلقمي: رافضي .!! نعم انا رافضي . وكنت تعلم ذلك قبل أن اصبح وزيرك . ولكن ..أتظن أن جند الموصل الذين ساروا مع جيش هولاكو من الروافض ؟؟
المستعصم : جند الموصل !! جند الموصل في جيش هولاكو ؟؟
هولاكو : وكنت تجهل ذلك أيها الملك السعيد ؟؟
المستعصم صارخا : اللعنة عليك وعلى المغول ..وعلى الروافض .. وعلى الموصل وجندها .هولاكو ببرود شديد : بدأت تفقد أعصابك أيها الملك . أنت تخرج عن هدوءك ورصانتك. وهذا لا يليق بملك مخلوع يقف أمام ملك منتصر .
المستعصم : ماذا؟؟!
هولاكو : كم أكره النظر الى وجهك الناعم. أخشى ما أخشاه أن يجلس على عرش المغول ملك جبان عاجز أحمق مثلك . .. عندها فقط ستحل نهايتنا .
يلتفت هولاكو الى مرافقه صارخا : خذوه
المرافق يتحرك بسرعة واضعا كيسا أسود اللون يغطي رأس الخليفة حتى منتصف جسده . يربطه بحبل ثم يقوده الى خارج المسرح .
هولاكو : يا علقمي أريدك أن ترشد الحراس الى أبناء الملك واحدا واحدا . أريد قتل جميع أمراء بني العباس . ونسائهم أيضا . لقد أفلت مرة صبي صغير بعد إبادة قبيلته كلها . ولما كبر،حمل بيديه راية ذيول الياق التسعة ثم كون لنفسه جيشا خاصا . ثم عاد وانتقم من جميع من اذاه واباد قبيلته .. أتعرف من هو هذا الصبي الصغير . إنه جدي .. تيموجين .. جنكيز خان كما تسموّه
لا أريد لهذه المسألة أن تتكرر . إبحث مع الحراس عن كل الأمراء .. والأميرات .. اقتلوهم .. أقتلوهم جميعا بعد أن تقتلوا المستعصم .
العلقمي : سمعا وطاعة يا مولاي .
هولاكو مخاطبا مرافقه : هل أبدتم الجيش بأكمله .
المرافق : نعم يامولاي ..
هولاكو : أبيحوا المدينة للجنود
العلقمي صارخا برعب : ماذا ؟؟
هولاكو ببرود : ماسمعت .. يلتفت مخاطبا مرافقه : المدينة مباحة .. حطموا بغداد . أحرقوها
العلقمي صارخا : لا... ... لا ...لا
ستار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وردة ربيع العمر
أعضاء بارزين
وردة ربيع العمر


انثى
عدد الرسائل : 355
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 05/06/2007

بروفة لسقوط بغداد Empty
مُساهمةموضوع: رد: بروفة لسقوط بغداد   بروفة لسقوط بغداد I_icon_minitimeالجمعة يونيو 08, 2007 2:47 pm

الفصل الثاني : المشهد الثاني

المؤلف وهويشعل سيكارة : لاتنزعوا المكياج ولاالملابس . الوقت ضيق . إستعدوا فورا للمشهد الاخير
المستعصم وهو ينزع الملابس التاريخية : لقد إنتهى دوري على أية حال .
عز الدين : وأنا أيضا .. أية نهاية سوداء ! لم يبق على الخشبة إلا هولاكو والعلقمي .. الخائن والسفاح
المؤلف : هذان من يفوزان دائما.. أتعلمون أن هناك الان من يحاول تبييض صفحة العلقمي ?
العلقمي : حقا .. كيف ؟؟
المؤلف : يقول البعض أنه لم يكن لدى العلقمي خيار أخر .. وأنه حاول إيجاد فرصة سلام مع المغول لانقاذ مدينته التي أحبها .. بغداد
المستعصم : فعلا . لم يكن هناك من لديه الاستعداد للقتال .
عز الدين : وكان لابد من محاولة ما لانقاذ المدينة . لابأس في مفاوضات قد تحقق نتائجها .
العلقمي : العلقمي كان حمارا .. أنا أكرهه . أكرهه وأكره هذا الدور . كيف يثق بجلاد كهذا . لاأشك في أنه كان يطمح لمنصب الحاكم . أو ... أو أنه أراد الانتقام فحسب
المؤلف : ربما شل الخوف تفكيره .
العلقمي : شله الخوف الى درجة تدفعه أن يراسل عدوه ليأتي ويستبيح مدينته . من كان يخاف الى هذه الدرجة فلا ينبغي له أن يشغل منصبا عاما . ولا ان يكون مسؤولا عن أرواح الناس
هولاكو : حقا .. هل كان بوسعه أن يفعل إلا ما فعل ?
المؤلف : للأسف . كان بوسعهم فعل الكثير . فبمجرد أن تجمع المماليك وتوحدوا واخلصوا النية إستطاعوا وقف هولاكو وتحطيم جيشه الذي لايقهر في عين جالوت .
العلقمي : ولو كان العلقمي وزيرا مخلصا لما حدث كل ما حدث . وبهذه الطريقة البشعة .
المستعصم : العلقمي ليس المسؤول الوحيد عن هذه الكارثة . كلهم مشتركون في الجريمة .
عز الدين : لو إستمعوا لنصيحتي لتغير وجه التاريخ
المؤلف : للأسف الشديد أنك لم تكن موجودا .. أنت لم توجد إلا في مخيلتي .
هولاكو : لماذا ننبش هذا الماضي المؤلم . ما جدوى هذه المسرحية ?
المؤلف : إنه التاريخ .. تاريخنا .
العلقمي : إنك تريد أن تقول شيئا ما . وقد إستخدمت هذه المسرحية لتمرر ما تريد قوله
المؤلف : ذكاؤك يحرجني ياعلقمي . ولكنها مسرحية .. مسرحية تاريخية وحسب
العلقمي : أنا أصر على أنك تريد تمرير رسالة تخشى البوح بها . لماذا لم تكتب مسرحية معاصرة ?
المؤلف التاريخ .. للتاريخ سحره الخاص . وخاصة على خشبة المسرح .
هولاكو أتظن أنك قد تستطيع خداعنا .
المؤلف : سأكون سعيدا لو أدركتم ما اريد قوله .
هولاكو : لماذا لم تختر شكلا ابسط .. طريقة أسهل للقول . هذا أذا كنت تريد أن يفهم الجميع قصدك كما تقول .
المؤلف وهو يشعل سيكارة ثانية : لابد من الحذر .. لاأريد تجاوز الخطوط الحمراء . عندها لاأحد يعرف ما قد يحدث . ربما لن أتمكن من عرض عملي حتى على هذه الخشبة
وربما جر علّي الويلات
عز الين : أنت إذن تريد أن تتكلم وتخشى ذلك ?
المؤلف : ليس تماما لقد تكلمت بطريقة غير مباشرة .
وهل ستصل الرسالة للجميع ? وبالمعنى الذي قصدته ?
المؤلف : إنني أبذل جهدي لتحقيق ذلك . إنني أحاول التسلل من خلال الخطوط الحمراء دون أن يلحظني أحد .
عز الدين : موقف شجاع جدا .. ما أشجع مثقفينا العرب .
المؤلف : أنا مدرس بسيط .. لاتحملوني ما هو فوق طاقتي .
العلقمي : أستاذنا الفاضل .. تخيل أنك كنت مكان العلقمي .. ماذا كنت ستفعل بالضبط ?
المؤلف : أنا ؟؟ كنت سأستقيل وأترك الوزارة طبعا .
هولاكو بسخرية : موقف شجاع جدا .
عز الدين : أرجو الا تغضب من كلماتي ولكن .. أنا ألاحظ أن المثقفين هم أكثر الناس طموحا .. وأكثرهم جبنا في نفس الوقت .
المؤلف غاضبا : غير صحيح .
عز الدين : ألم تقل قبل قليل أنك لو كنت مكان العلقمي لتخليت عن مسؤولياتك .?
المؤلف : لو .. لو .. وربما كنت سافعل شيئا اخر .
هولاكو : مثل ماذا ? طلب اللجوء السياسي ؟؟
المؤلف : انتم تسخرون مني .. مازلتم في بداية المشوار .. أتمنى أن تعيشوا عمرا طويلا لتدركوا أسبابي
العلقمي : أسبابك واضحة . أنت خائف من كل ما حولك . رغم أنك طموح . العلقمي كان خائفا فارسل لاستدعاء هولاكو . والمستعصم كان خائفا ففتح الابواب . وعز الدين كان خائفا فاندفع ليقتل نفسه . هولاكو وحده كان شجاعا .
هولاكو : شجاع جدا .. وحزين ايضا . أحس أنك تنصف هذا الوحش كثيرا .
المؤلف : نحن من صنع منه وحشا . إنه قائد عسكري متمرس . وقد أدى واجبه على خير وجه ?من وجهة نظره ولمصلحة بلاده .
العلقمي : فعلا . أدى واجبه بشكل يقترب من الكمال المطلق . أباد الرجال والنساء والاطفال واحرق المدينة .
عز الدين : والفضل لك ياعلقمي .
العلقمي : كم أكره هذا الاسم .
المستعصم : أتعتقد حقا يا أستاذ أن بإمكان العلقمي وحده أن يسبب كل هذا الخراب الهائل ؟؟
المؤلف : لقد كان البناء منخورا بشكل كبير . وقد ساهم العلقمي في هدمه بشكل فعال . أنتم تعلمون أن بناء مدينة يحتاج لجهد مجموعة كبيرة ويستغرق وقتا طويلا . أما حرقها .. فبإمكان شخص واحد أن يفعل ذلك .. وبسهولة .
عز الدين : وقد كان العلقمي من أحرقها . وأحرق نفسه معها .. لقد كان وزيرا حمارا بالفعل المستعصم : وزير .. وحمار ؟؟!!
عز الدين : والمستعصم كان حمارا أيضا .
المستعصم بغضب : قليل من الاحترام ياعز الدين . أنسيت أنك تتكلم عن الملك .
هولاكو ضاحكا : يبدو أنك قد تقمصت الشخصية أكثر مما ينبغي . ولكن وبصدد ما حدث . لم يكن في الأمر مفاجأة على الإطلاق . مجموعة من الحمقى يحكمون دولة .. لاشك أن مصيرها سيؤول للخراب .
العلقمي : والناس .. الناس .. لماذا لم يحاولوا القيام بشيء ؟؟
المؤلف : أنا متأكد من أنهم كانوا خائفين .
العلقمي : الخوف الخوف الخوف .. مم يخافون ?! وهل كان بالإمكان أن يحدث أسوأ مما حدث ?
المؤلف : لقد كانوا ينتظرون شيئا غامضا . تغييرا مفاجئا ينقلهم الى بر الامان .
عز الدين : ينتظرون ينتظرون .. الانتظار لايعني إلا تضييع الوقت وتفويت الفرص .
المؤلف : الناس دائما بحاجة الى قيادة واعية .
العلقمي : وهذه القيادة الواعية تخاف الظهور . تخشى أن تتقدم خطوة للأمام . تخاف من كل شئ
المؤلف : الى ماذا تلمحين ?
العلقمي : لقد فهمت قصدي جيدا . تأخر الجميع الى الخلف وتقدم العلقمي مثقلا بأحقاده ليستغل منصبه للتغرير بملك مغفل كي يتمكن من تصفية حساب قديم .
المؤلف : فعلا . ودخل المغول .. دخلوا وقتلوا الجميع دون أي تفريق .. لم ينج من سكان بغداد إلا أهل الذمة .
الجميع : ماذا ؟؟
المؤلف : وهذا ما لم أذكره في مسرحيتي كي لا يساء تأويله . نعم .. كان أهل الذمة قد إستأمنوا لانفسهم من هولاكو . وبر هولاكو بوعده لهم فنجوا .. نجوا وأنقذوا معهم بعضا من المسلمين .
العلقمي : كان ينبغي أن تشير لذلك على الأقل .
المؤلف : ربما أراد هولاكو التفريق بين المواطنين في البلاد . وقد تكرر هذا الأمر مرتين ثانيتين حينما إجتاح تيمورلنك بغداد .
المستعصم : وهل إجتاحوا بغداد ثانية ?
المؤلف : نعم .. وصنعوا أهراما من الجماجم .
عز الدين : أي تاريخ أسود .
هولاكو : أية ماس .
المؤلف : هل أنتن جاهزات للمشهد الأخير ?
العلقمي محتجا : هل لابد لي أن أدخن السيجار ? أنا لا أطيق رائحته .
هولاكو : ولا أنا .. لماذا جعلتهم يدخنون ؟؟
المؤلف : إنهم يقتلون أنفسهم .. ألم تفهموا ذلك .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وردة ربيع العمر
أعضاء بارزين
وردة ربيع العمر


انثى
عدد الرسائل : 355
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 05/06/2007

بروفة لسقوط بغداد Empty
مُساهمةموضوع: رد: بروفة لسقوط بغداد   بروفة لسقوط بغداد I_icon_minitimeالجمعة يونيو 08, 2007 2:49 pm

الفصل الثالث : المشهد الأول

نفس القاعة الفاخرة تسودها حالة من الفوضى وقد تبعثر أثاثها .
العلقمي يجلس وهو ينظر من الشرفة وظهره للجمهور : حتى قمم النخلات لم تنج من الحريق .. كيف وصلت النيران الى رؤؤس النخيل !! كل شيء يحترق .. كل شيء يحترق . ودجلة .. مياهك يادجلة تجرف البقايا .. بقايا الأعزاء .. بقايا الاعداء .. بقايا روحي .. أختلط حطام الاشياء برفات البشر .. ياإلهي ياإلهي .. ماذا صنعت يدي ؟؟ الجثث تتراكم فوق بعضها البعض .. الميازيب تجري بالدماء .. سنابك الخيل تسحق الجماجم .. ورائحة الجثث العفنة تملأ الدنيا وتمتزج برائحة الحرائق .. من سيدفن الموتى .؟؟ من سيدفن كل هولاء ؟؟ .. من سيدفنهم إذا كان عدد ألأحياء أقل بكثير من عدد الأموات .. يا إلهي .. يا إلهي ماذا صنعت يداي ..
يدخل هولاكو الى المسرح وهو يسير بخطواته القصيرة السريعة ومرافقه يسير خلفه .
هولاكو يكلم المرافق دون أن ينتبه لوجود العلقمي .
هولاكو: علينا أن ننتهي بسرعة . لن نستطيع البقاء في هذه المدينة بعد الآن . لاشك أن الأوبئة ستنتشر فيها بعد أن تعفنت هذه التلال من الجثث .
المرافق : نحتاج الى ثلاثة أيام لننهي واجبنا ونكمل معسكرنا شرقي المدينة .
هولاكو : إحرص على تنظيم المعسكر بطريقة صحيحة . وانتبه لاتجاه الريح . لاأريد لجندي واحد من جنودي أن يصاب بأي مرض .. أنا أحملك كامل المسؤولية .
المرافق : كن مطمئنا أيها الامير . لقد اشرفت على كل شيء بنفسي .
هولاكو : وهذا المطر اللعين . هذا المطر سيجعل الأمر أكثر سوءا .. لقد إختلطت بقايا الجثث المتفسخة .. والمطر يجرف نتانتها اللى دجلة فيلوثه . إحرص على توفير مياه شرب نقية للجنود .
المرافق : لقد قمنا بالفعل بتخصيص بعض الابار البعيدة لتزويد عسكرنا بالماء
هولاكو : علينا أن ننتهي بسرعة من هذا الكابوس إجلس وأكتب
ألمرافق يجلس ويخرج دواة وريشة وورقة .
هولاكو : من هولاكو خان بولي إلى حاكم حلب .
العلقمي : أترجو لحلب نهاية كنهاية بغداد ?
هولاكو : أووه من هذا ؟؟ ? ما زلت هنا ياصديقي ? لقد إنشغلت عنك بواجباتي الكثيرة . لاشك أنني سأسعى للوصول إلى حلب . ودمشق والفسطاط . لن يقف في طريقي شيء .
العلقمي : ألا ترى الطريق طويلا على جيشك ?
هولاكو : بعد الان . لاشيء سيمنعني من نيل ما أريد . لقد فتحت بغداد .. فتحت بغداد بسهولة لم أكن أحلم بها . والفضل يعود لي .. ولتعاونك طبعا ياعلقمي .
العلقمي : إنما حدث ما حدث بأمر الله .
هولاكو : الله ؟؟ لاأعرفه .. ولكني أعرف جيدا أن عقلي وسيفي وجيشي هم الذين إقتحموا البلاد . أتعرف يا علقمي ? لقد جازفت مجازفة كبيرة . خالفت وصايا الحرب كلها . خالفت تعاليم الحكيم تزو . وبدل أن ألاراضي المكشوفة . واتقدم متسللا .. سرت جهارا في أوضح الامكنة . وبدل أن أتجنب المدن وألتف حولها ? دخلتها . واثرت ضجيجا هائلا في كل مرة . لقد قدت جيشي بطريقة جديدة . لم أبحث عن المباغتة . لا بل أثرت أكبر ما يمكن من دويٍ . راهنت على الرعب ... وربحت الرهان
العلقمي : بدأت تشعر بالغرور أيها الامير .
هولاكو : الغرور ? أي غرور؟ أليس من حق هولاكو فاتح بغداد أن يفخر بنفسه ?
العلقمي : ليتك إكتفيت بفتحها أيها ألامير .
هولاكو : ماذا تقصد ? أكنت تريد مني أن أترك المدينة على حالها بعد أن فتحها جيشي ?
العلقمي : أليس هذا هو العهد الذي بيننا ?
هولاكو بسخرية : العهد الذي بيننا ؟؟ أدخل بغداد وأقتل الخليفة وأعينك حاكما وأمضي .. أي عهد وأي سذاجة . هل أحرك جيشي وأقاتل من أجلك .!! هناك عهد أقوى بكثير من عهدي لك ياعلقمي . إنه العهد الذي بيني وبين أجيال التتار المقبلة . هل تتوقع مني أن أترك بيض ألافاعي ليفقس ويلدغ أبنائي ? إنني أطهر لهم الطريق من الشوك الذي قد ينموا ليجرح أقدامهم .العلقمي : بكل هذا العنف ؟؟ بكل هذا التقتيل ? لقد كانت أوامرك بشعة جدا . أقتلوا الرجال والنساء والاطفال وإتركوا العجائز فقط .. لماذا لم ترحمهم هم أيضا ?
هولاكو يخرج من حزامه غليونا طويلا يملأه بالتبغ ويشعله ويخاطب العلقمي بصوت حزين : أتظن أنني سعيد بكل ما حدث ؟؟ إنه أمر ثقيل على نفسي ياعلقمي . أتظن جسدي لايقشعر لسماع هذا الصراخ والعويل المتصل ؟؟ أنا لست حيوانا ياعلقمي . أنا رجل . انسان .. أب . ولكنه الواجب المقدس .وإعلم أننا ما قتلنا الرجال إلا لانهم قادرون على القتال .. قتالنا .. وقتلنا الأطفال لانهم سيصبحون يوما ما مقاتلين .. وقتلنا النساء لانهن سينجبن المقاتلين .أما العجائز فقد تركناهم ليرووا ما حدث فينشروا بين الناس المزيد من الرعب . وكلما ازداد الرعب بين الناس سهلت مهمة جيشي . أنا لم أقتل أحدا للذة القتل . لا .. بل فعلت ذلك ضمن خطة عسكرية محكمة هدفها المحافظة على أرواح جنودي . وكما تعلم أيها الوزير فالحرب تجيز فعل أي شئ ..
العلقمي : كان لدينا قواعد أخرى للحرب .
هولاكو: لديكم !! من أنتم ؟؟ مع من تضع نفسك أنت بالذات ? أنسيت أنك تقاتل في صفوفي ?
العلقمي : ليتني أستطيع النسيان .
هولاكو : أتعرف ياعلقمي ? كان دورك سينتهي بعد دخولي بغداد مباشرة . كنت أريد دفنك في قبر واحد مع( أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله خليفة الوقت المستعصم ).. يضحك بسخرية ثم يضيف .. إسم طويل جدا لملك عاجز .. ماذا كنت أقول ااه كنت أريد التخلص منك بسرعة أما الان .. فأنت لاتدرك حقا مدى إمتناني لخدماتك . هذا .. رغم أني بطبعي أكره الخونة . إلا أن خيانتك كانت عونا كبيرا لي .. لقد كانت خيانة مميزة جدا .
العلقمي بإنكسار : هذا من سوء حظي أيها الامير .
هولاكو :أتعلم كم وفرت من أرواح جنودي ? الاحصاءات تقول أن كل جندي من المغول قتل عشرة رجال على الاقل . واحد الى عشرة . معادلة صعبة . ومجازفة لم يكن ليقدم عليها أشجع القادة . ولكنني فعلت .. فعلت ونجحت . ولن أنسى دورك ياعلقمي ..إختر أي بستان في بغداد . إختر أيا من قصور الخلافة وسيكون لك . وسأجرى عليك عطاء شهريا . لن أنساك ياعلقمي . ماذا كتبت ايها الضابط ؟؟
المرافق : من هولاكو خان بولي ؟إلى حاكم حلب . لقد علمتم ما حل ببغداد . ونحن سائرون إليكم فاذا أردتم الفوز بحياتكم فعليكم بتهديم أسوار المدينة .
العلقمي : أتظن ألامر بهذه السهولة .
هولاكو بثقة : كل شئ أصبح سهلا الآن . وأنا متفائل بطبعي .. أكتب أيها الضابط . عليكم أن تهدموا أسوار المدينة . وأن تسلموا كافة أسلحتكم الى الرجال الذين سأرسلهم برفقة حامل كتابي هذا .
العلقمي : برسالة ؟؟ أتظن أنك ستفتح حلب برسالتك هذه
هولاكو بضيق : ياعلقمي .. لقد أمرت لك بقصر وبستان وعطاءا شهريا .. لاتجعلني أغير رأيي
العلقمي : ولكن .. لن يحل بحلب ما حل ببغداد .. سيمزقون كتابك ويقتلون رسلك .
هولاكو : قد يكون في حلب علقمي أخر .
العلقمي : لاأظن .. لاأتمنى ذلك .. سيحصنون المدينة . . نعم نعم . سيحصنوها ويدافعون عنها حتى اخر رجل
هولاكو ضاحكا : اراك قد أصبحت بطلا الان .. ألا تعلم أن معركتك قد إنتهت أيها الوزير ?
العلقمي : معركتي .. لقد بدأت معركتي ألان أيها الأمير . معركتي مع الناس جميعا .. ماذا سيقال عني ؟؟ سيقولون أن مؤيد الدين ابن العلقمي سلم بغداد لهولاكو .. سيقولون أني خائن ووضيع . وسينسى الناس المستعصم . لن يذكر أحدا منهم أن حمارا كان يجلس على هذا العرش وأنه دفعني لفعل ما فعلت . الناس .. الناس .. صرخاتهم تملا أذني .. رائحة لحومهم المحترقة تملا أنفي .. ويلك ياعلقمي .. ويلك ماذا صنعت يداك ..
هولاكو بانزعاج : بدأت تفقد حكمتك وواقعيتك أيها الرجل . أصمت قليلا . يتحدث الى المرافق :أكمل .. وتسليم كافة أسلحتكم إلى الرجال الذين سأرسلهم برفقة حامل كتابي
العلقمي : لن يسلموا أسلحتهم . سأرسل كتابا أحذرهم فيه من فعل ذلك .
هولاكو ضاحكا : ليتك تفعل .. سيضنون أنها خدعة . أكتب . وعليكم أن ترسلوا لي كتابا فيه أسماء جميع الرجال القادرين على حمل السلاح لضمهم الى جيشنا
العلقمي هل تصدق أنهم سيفعلون ذلك ؟؟ لن يهدم أهل حلب ألاسوار . ولن يسلموا السلاح ولن يرسلوا لك عدد الجنود
هولاكو مزمجرا : أصمت .. أصمت أيها الخرف . سيفعلون .. سيفعلون كما فعلتم . وستسقط حلب . أكتب أيضا .. أكتب أيها الضابط رسالة أخرى إلى صاحب دمشق وصاحب نابلس وصاحب بعلبك . اكتب .. أكتب أيها الضابط .
العلقمي : لن يستسلم أحد لرجالك بعد الان . سيقاومون سيقاومون ..ستدفنون في أرضنا . سنبيد جيشك الهمجي ياهولاكو
هولاكو : إخرس ايها الخائن الحقير .. أيها الضابط
يتقدم الضابط فيربط يدي العلقمي وراء ظهره ويدفعه أمامه. العلقمي يسير ببطء
العلقمي : أنا.. ؟؟ أنا خائن حقير ؟؟ من خان من ؟؟ ولماذا حدث كل هذا ؟؟ هل أسأت التقدير ؟؟ هل سيعذرني أحد ؟؟ هل سيقولون إجتهد فأخطأ ؟؟ ولكن تأكد يا هولاكو ..لن تستسلم حلب . لن تستسلم دمشق لن .. العلقمي يصبح خارج المسرح
هولاكو مزمجرا : سيسقطون .. ستسقط حلب ؟؟ وستسقط دمشق .. وستسقط القاهرة..سيسقطون جميعا .. ما دامت بغداد قد سقطت فسيسقط الجميع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وردة ربيع العمر
أعضاء بارزين
وردة ربيع العمر


انثى
عدد الرسائل : 355
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 05/06/2007

بروفة لسقوط بغداد Empty
مُساهمةموضوع: رد: بروفة لسقوط بغداد   بروفة لسقوط بغداد I_icon_minitimeالجمعة يونيو 08, 2007 3:18 pm

الفصل الثالث :
المشهد الثاني


المؤلف : برافو .. برافو .. أنا لاأصدق ما أرى .. مازلت تبكي ياعلقمي ؟؟
الممثلات ينزعن ملابس وإكسسوارات التمثيل
العلقمي : هل أعجبك إدائي وأنا أقول .. النيران تلتهم كل شئ .. يا إلهي ..يا إلهي ماذا صنعت يداي
المؤلف : أكثر من رائع .
العلقمي : هل قال العلقمي ذلك فعلا ؟؟
المؤلف : لاأدري .. ولكنها عبارة شهيرة لاوبنهايمر قالها بعد أن رأى إنفجار القنبلة الذرية التي إخترعها .
عز الدين : والعلقمي يشبه أوبنهايمر ؟؟
المؤلف : في الواقع .. ربما كان الفرق بينهما كبيرا جدا .. ولكن كليهما كان سببا لابادة عدد هائل من الناس .. وبحسن نية ربما .. وكليهما ندم على فعلته .
هولاكو : ما الذي أعجبك في هذا المشهد بالضبط ? أهو وصف القتلى ?
المؤلف : لالا بالطبع . أعجبني إتقانها للدور . وتماهيها مع الشخصية. وقدرتها على أن تجسد تماما ما كتبت .
هولاكو : ما كتبته أنت أم ما ذكرته مصادر التاريخ ?
المؤلف منزعجا : دعوا التاريخ جانبا .. أنا أتحدث عن هذه المسرحية. هل نسيتن أن لدينا مسرحية ستقدم غدا ؟؟
عز الدين : غدا ؟؟
المؤلف : طبعا .. ما الذي جرى ؟؟
العلقمي : وستكون سعيدا لو صفق الجمهور ؟؟
المؤلف : إذا ما كان أداءكن رائعا كما أديتن اليوم فأعدكن بأن الجمهور سيصفق طويلا .
عز الدين : وربما سالت دموع بعض المتفرجين .
المؤلف : سيكون هذا دليلا اخر على نجاح العمل .
هولاكو : وسيسعدك نجاح العمل !!
المؤلف باستغراب : طبعا .. سيسعدنا ذلك جميعا . أليس كذلك .. ما الذي يدور في أذهانكن العلقمي : هل سمعت عن الصرصري يا أستاذ؟؟
المؤلف : الصرصري ?أليس شاعرا عباسيا أم ان الذاكرة قد خانتني ?
العلقمي : إنه شاعر عباسي بالفعل ولكن .. أهذا كل ما تعرفه عنه ?
المؤلف : إنه ليس شاعرا مهما على أية حال .. لم سؤالك عنه ?
العلقمي : ألا تعرف أنه شهد إقتحام بغداد ؟؟
المؤلف : الصرصري ؟؟ لا ... ألم أقل لك أنه شاعر غيرمهم في تاريخ الادب العربي ? ما علاقته بما نتكلم عنه الان
العلقمي : ربما كان الصرصري شاعرا عاديا .. ولكنه بطل .. بطل بالمعنى الحقيقي للبطولة .. أعني أنه لم يكن رجلا من ورق .
المستعصم: إنك تقرأين كثيرا .. ما ذا فعل هذا الرجل ليستحق إعجابك ؟؟
العلقمي : الصرصري كان شاعرا ضريرا .. كان عاجزا عن الرؤية بعينيه . لكنه كان أبيا .. كان قويا .. قرر رغم عماه ان لايسمح للمغول بانتهاك بيته وهو حي .. قاتلهم .. قاتلهم .. قاتلهم حتى الموت .. أعني حتى الشهادة . لم يدخل المغول بيته الا على جثته . أتعرفون بم قاوم الشاعر الاعمى المغول ؟؟
الجميع : بماذا ?
العلقمي : بالحجر .. .. لم يكن لديه الا الحجارة . جمعها ووقف أمام باب منزله وقذف بها كل من حاول الدخول . لاشك أنهم إستطاعوا التسلل وقتله بعد ذلك . ولكنه مات كما ينبغي أن يموت الرجال .. . مات مدافعا عن بيته .
عز الدين : لم لم تكتب لنا عن شخصية كهذه ؟؟ لماذا يا .. أستاذنا
المؤلف : أخشى أنني لم أنتبه جيدا لهذه الشخصية .. عموما هذا شخص أسقطه التاريخ . لم يغير شيئا على أرض الواقع . ليس له قيمة حقيقية .
هولاكو : لا.. بل على العكس .. ربما كان هذا هو الشخص الوحيد الذي حظي باحترام المغول .
عز الدين : هل تذكر تعريفك للبطل التراجيدي ياأستاذ . أليس هو ذلك الشخص الذي يستمر في صراع لا أمل منه .. هذا لاينطبق تماما إلا على الصرصري . إنه بطل تراجيدي .. أما باقي أحداث مسرحيتك فلم تكن أقدارا محتومة . كان بامكانهم أن يفعلوا شيئا ما ..
المؤلف : لاداعي لهذا الكلام الان .. عليكن المحافظة على هدوء أعصابكن حتى عرض الغد
هولاكو : لكي نبكي الجمهور فيصفق لنا . وتشعر أنت عندها بالسعادة
المؤلف بضيق : ليس بالضرورة أن يبكي الجمهور. وسيسعدنا جميعا نجاح المسرحية .
هولاكو : بمعنى آخر .. لو نجح سقوط بغداد . فسيصفق الجمهور . وإذا صفق الجمهور طويلا فسنشعر نحن بالسعادة .
المؤلف وهو يتلفت ناظرا للفتيات باستغراب : بالطبع .. طبعا .. مالذي جرى لكن ؟؟
العلقمي : سؤال أخير يا أستاذ .. وأتمنى أن تكون صريحا للغاية في إجابتك .
المؤلف بعد تردد : أنا .. أنا صريح دائما .
العلقمي : إن كوننا من الفتيات سيضفي للعمل عمقا معينا .. هل سيسعدك أن يحس الجمهور من خلال أدائنا أن المستعصم والعلقمي وبقية الشخصيات لم يكونوا رجالا حقا .. أعني رجالا بلا رجولة.
المؤلف بعد تفكير طويل : إنك تدهشني حقا ياعلقمي .. لم أكن أظن أن أيا منكن ستنتبه لهذه الفكرة .. فعلا .. ربما كان هذا هو الشئ الذي أردت التعبير عنه بطريقة غير مباشرة ..
أنت أذكى كثيرا مما تبدو ياعلقمي .
العلقمي : إذن .. أنا آسفة يا أستاذ .
المؤلف : آسفة !!على ماذا ؟؟
العلقمي : لن أشارككم غدا في هذا العرض . إبحث لك عن ممثلة أخرى .
المؤلف : ماذا !! ماذا تقول يا علقمي ؟؟
العلقمي : أرجو أن لا تطلق علي هذا الاسم ثانية .. أسمي فاطمة إبحث عن رجل لايستحق رجولته ليمثل هذا الدور . ربما لم يكونوا رجالا فعلا لكنهم لم يكونوا نساء بالتاكيد .
عز الدين : أظن أن المعتصم لو كان إمرأة لاحسن التقدير . ولما إنتهت الامور بمثل هذه الفاجعة .أستاذي العزيز . أنا أيضا لن أشارككم هذا العرض الدامي .
المؤلف متضاحكا : ماذا ؟؟ لاشك أنك تمزح يا عز الدين ?
عزالدين : أسمي نهلة . وأنا لاأحب المزاح كما تعرف .. لن أمثل هذا الدور التعيس .
هولاكو : ولا أنا .. كنت مترددة منذ البداية في قبول الاشتراك في هذا العمل . والان بات كل شيء واضحا .. واضحا تماما .
المؤلف : ما الذي يجري ؟؟ ما هذا ؟؟ غدا .. غدا يوم العرض . سأتعرض لإحراج كبير .. يافاطمة .. ياحنان .. يا نهلة .. إنكن تمزحن بالتأكيد ..مسرحيتي ..أول مسرحياتي .. مستقبلي .
فاطمة : إختيار بائس ..وقصة بائسة .. وأدوار بائسة . لماذا تبدأ حياتك بمأساة كهذه .؟؟ هل نضبت مخيلتك ? أم أنك ستجلس غدا لتستمتع بالدموع ?
نهلة : أن يمر الغد دون عرض أفضل بكثير من عرض مذبحة كهذه .
حنان : منذ اللحظة الاولى لم أرغب بالمشاركة في هذا العمل الكئيب .
المؤلف : لم يبق معي أحد إلا أنت يامها .
مها : ملك وجندي .. سنفشل حتى لو كنا على رقعة شطرنج .. كان عليك أن توضح كل شيئ منذ البداية .. لكنك لم تجرؤ على ذلك ..
المؤلف : لم أجرؤ ؟؟ماذا تقولين .؟؟ لا لا أنه الوقت .. ضيق الوقت ?الظروف .. ماذا يجري ؟؟ ماالذي دهاكن ؟؟الا تفهمن الا تقدرن كل ما يحيط بنا من .. من .. ظروف .

فاطمة : ظروف ..ظروف .. أما ان لنا أن نستغل الوقت وما يتاح لنا من إمكانات لتغيير هذه الظروف .. من صنع هذه الظروف ؟؟ .أجبنا ؟؟ أجبنا لوسمحت ؟؟
المؤلف وهو يشعل سيكارة بيد مرتعشة : لافائدة .. كل شيئ سينهار .. أرجوكن .. إنكن تحطمن كل شيئ .. كل ما حولي ينهار..
حنان : كل شيئ سينهار بالنسبة لك .. إنه إختيارك وأنت مسؤول .
المؤلف : والمسرحية ؟؟ انها فرصتنا جميعا .
نهله : لم لا نعد نصا بانفسنا يافتيات ? لم نعد بحاجة لحكمتك ياأستاذنا
حنان : نعم .. وسنخلق لنا ادوارا تناسبنا ..الأدوار التي نحلم بها .
مها : ولن نضطر لارتداء ذقون مستعارة . أو للتدخين .
فاطمة : أما أنت يا أستاذ . فبامكانك كتابة مسرحية عن سقوط بغداد .. واخرى عن سقوط الاندلس وثالثة عن سقوط حلب .. لديك فرص لانهاية لها للنجاح . تأكد بانك ستصبح مشهورا في وقت قصير .
حنان : ارجوا ان لاتكتفين بالحماس .. لنبدأ بالبحث عن نص يناسبنا منذ اليوم .
المؤلف : تبحثن عن نص !! الان ؟؟ الوقت .. الوقت . غدا يوم العرض .!!
نهله : سنجد نصنا .. أو سنكتب نحن النص المناسب . وسنعرضه حينما نتمكن من ذلك . أما عرض الغد .
فاطمة : عرض الغد لايهمنا يا أستاذنا ..هيا يا فتيات . ولكن وقبل أن نرحل ..علي أن شكرك يا أستاذ .. علينا جميعا أن نشكرك على الدرس الذي تعلمناه منك .
المؤلف : أي درس .. مماالذي تعلمتموه ؟؟
فاطمة : لقد تعلمنا ضرورة الا نصبح مثلك يا.. يا أستاذ ..هيا يا فتيات
المؤلف وهو يرفع مسودة المسرحية بيأس : إلى أين .؟؟ وسقوط بغداد ؟؟
الفتيات جميعا : لن تسقط بغداد

النهاية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بروفة لسقوط بغداد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عطر الليلك :: نوافذ فضاءات إبداعية :: نافذة القصة والمسرح-
انتقل الى: